السياق الاقتصادي للنمو في الصادرات التركية

على مدار العقدين الماضيين، شهد الاقتصاد التركي تحولات جوهرية أدت إلى تعزيز ملحوظ في نمو الصادرات. يعود هذا النمو إلى جملة من العوامل الاقتصادية والاستراتيجية الشاملة، أبرزها:

1- التحولات الاقتصادية الداخلية: تحولت تركيا من اقتصاد يعتمد بشكل كبير على الزراعة إلى اقتصاد متنوع يشمل الصناعة والخدمات. تبني سياسات السوق الحر وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ساهم في تحديث البنية الاقتصادية وتحفيز الابتكار.

2- اتفاقيات التجارة الدولية: أبرمت تركيا العديد من الاتفاقيات التجارية مع دول مختلفة، مما فتح أسواقًا جديدة أمام المنتجات التركية. كان لانضمام تركيا إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي في عام 1996 دور حيوي في تسهيل حركة البضائع وزيادة الصادرات إلى الدول الأوروبية.

3- تطوير البنية التحتية: استثمرت تركيا بشكل كبير في تطوير البنية التحتية للنقل والخدمات اللوجستية، مثل الموانئ والمطارات وشبكات الطرق السريعة. بالإضافة إلى تطوير مناطق صناعية متخصصة، مما ساعد الشركات الصناعية على تعزيز قدرتها التنافسية على الصعيد العالمي.

4- تنويع القطاعات الاقتصادية: تتميز الصادرات التركية بتنوعها عبر عدة قطاعات، تشمل الصناعات التحويلية، الزراعة، النسيج، السيارات، والإلكترونيات. هذا التنوع جعل الصادرات أقل عرضة للتقلبات الاقتصادية العالمية. دعم الابتكار والتكنولوجيا أدى إلى إنتاج سلع ذات قيمة مضافة عالية، مما زاد من الطلب عليها في الأسواق الدولية.

5- السياسات الحكومية الداعمة: وضعت الحكومة التركية خططًا استراتيجية لتعزيز الصادرات، من أبرزها "استراتيجية التصدير 2023" التي تهدف إلى مضاعفة قيمة الصادرات. كما ركزت على تشجيع الابتكار والبحث والتطوير، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتكون قادرة على المنافسة في السوق العالمي.

بفضل هذه العوامل والسياسات الاستراتيجية، تمكنت تركيا من تحقيق نمو مستدام في صادراتها، مما ساهم بشكل ملحوظ في تحفيز الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانتها في الأسواق العالمية.

وفي ضوء آخر التطورات الاقتصادية، أعلن وزير التجارة التركي، عمر بولاط، تسجيل صادرات البلاد 22.512 مليار دولار خلال يوليو/تموز الماضي. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده بغرفة التجارة في قيصري وسط تركيا يوم الجمعة، حيث كشف عن أرقام التجارة الخارجية لشهر يوليو 2024.

وأوضح بولاط أن الصادرات في يوليو 2024 ارتفعت بنسبة 13.8% مقارنة بنفس الشهر من العام 2023، محققة رقمًا قياسيًا جديدًا على مستوى أشهر يوليو عبر تاريخ الجمهورية. وأكد أن التجارة الخارجية المستدامة والمتوازنة تشكل قاعدة أساسية في السياسة الاقتصادية.

وأشار إلى أن انخفاض العجز التجاري الخارجي يسهم بشكل إيجابي في استقرار الاقتصاد الكلي والنمو الاقتصادي.